الرسول في غار حراء وبداية نزول الوحي
جدول المحتوى
قبل نزول الوحي
نزول الوحي ، ظل محمد عليه الصلاة والسلام يتردد على غار حراء حتي شارف الأربعين من عمره، وكان أول ما فتح الله عليه من الهدى والخير والبركة هو الرؤيا الصادقة
فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح وضوحا وجلاء.
وكانت رؤياه الصادقة انعکاسأ لنفسه الصادقة، وقد زادته رؤياه الصادقة أملا في قرب الوصول إلى الحقيقة، وأنه أوشك أن يضع قدميه على الصراط المستقيم الموصل إلى الحقيقة المطلقة الخالدة .
نزول الوحي
وبينما محمد في غاره يفكر ويتأمل، وينعم بالطمأنينة النفسية التي أدخلتها على قلبه رؤياه الصادقة ، إذا بجبريل عليه السلام يأتيه بصورة مفاجئة في ليلة من ليالي رمضان ويقول : اقرأ. فيجيبه النبي
مأخوذا بالنداء : ما أنا بقارئ. فيضمه الملك ضم قوي إلى صدره ويقول له : اقرأ .
فيقول النبي : ما أنا بقارئ. فيقول له الملك في الثالثة اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)
من وحي الله سبحانه وتعالى وترکه وانصرف.
ولما أفاق النبي عليه الصلاة والسلام من المفاجأة تملكه شعور غير عادي .
فما هذا الذي حدث، وأخذ يتلفت يمينه وشماله فلم ير شيئا، وأخذ يستعيد ما حدث ليعرف مرماه وأهدافه.
فهذا الذي حدث يا محمد شئ هائل وعظيم فهو وحى الله تعالى يأتي الأنبياء ليكلفهم بحمل رسالات السماء إلى أهل الأرض .
والحق أن محمدا لم يشك في أن هذا وحي من الله لأن الوحي لابد أن يكون مصحوبة من الموحى إليه بيقين ثابت أن هذا وحي من الله لا شك فيه.
استقبال خديجة للنبي
ولكن لعل المفاجأة أخذته على غرة فلبث فترة يفكر في هذا الأمر وأخيرا عاد إلى بيته ليقص على زوجته خديجة ما حدث له.
خصوصا وأن خديجة كانت دائما درعه الواقی وحصنه الحصين الذي يلجأ إليه كلما حز به أمر ليجد عندها الأمان والطمأنينة والسكينة والهدوء.
فعاد إليها هذه المرة من غار حراء وهو بحالة لم يأت عليها من قبل، حتی بادرها هو قائلا : خديجة ؛ مالي ؟ كأنه يقول لها هل ترين بي شيئا غير عادي لم يكن من قبل ؟
وحدثها بحديث جبريل وتلا الآيات التي تلاها عليه.
فأقبلت عليه السيدة الجليلة تسمع في اهتمام ظاهر مهدئة و مطمئنة ، ولم يبد عليها أي خوف أو قلق أو اضطراب مما حدث لزوجها، بل على العكس قالت له في لهجة واثقة : «أبشر يابن عم واثبت فو الذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة .
ووالله لا يخزيك الله أبدأ إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث ، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق نبي هذه الأمة !
ما أعظم هذا الذي سمعه محمد من زوجته الفاضلة .
نعم نبي هذه الأمة وحدها وهاديها ومرشدها ، أنت رحمة الله التي أهداها لا لهذه الأمة وحدها ولكن للعالمين.
موقف ورقة بن نوفل
لم يكن محمد عليه الصلاة والسلام يشك في أن هذا الذي ألقاه عليه جبريل هو وحى الله – كما أشرنا – لكنه كان يريد أن يطمئن قلبه على طريقة إبراهيم عليه السلام عندما سأل الله تعالى أن يريه كيف يحي الموتی.
ولكي تزيد خديجة محمد طمأنينة وثباتا ولكى يتأكد من صدق كلامها ذهبت إلى ابن عمها ورقة ابن نوفل الذي رفض عبادة الاصنام واعتنق المسيحية والذي أصبح ملما بكتب هذه الديانة
وحدثته بحديث زوجها وأنصت الرجل إلى حديثها وأطرق مليا ثم قال : «قدوس قدوس، والذي نفس ورقة بيده لئن كنت صدقتينی یا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى وإنه لنبي الأمة فقولي له فليثبت .
عادت خديجة من عند ورقة وقد زادتها كلماته طمأنينة على مستقبل زوجها الكريم فوجدته نائما، ولم تشأ أن توقظه ولكنه فجأة بدأ جسمه يهتز ، وبدأ نفسه يثقل وبيل العرق جبينه وإذا بجبريل يأتيه مره أخرى ويقول له: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) سورة المدثر
فلما رأت خديجة هيئته هذه زاد إشفاقها عليه ، ودعته في حنو ورقة أن يعود إلى فراشه لينام ويستريح ولكنه قال لها: «أنقضی یا خديجة عهد النوم والراحة، فقد أمرني جبريل أن أنذر الناس وأدعوهم إلى الله وإلى عبادته
فمن ذا أدعو، ومن ذا يستجيب اليه، ولكن خديجة أخذت تهون عليه وتهدئ من روعه.
وقصت عليه ما قال لها ورقة بن نوفل، وأعلنت له إسلامها وإيمانها بما جاءه من عند الله، و كانت بذلك أول من آمن برسالة النبي عليه الصلاة والسلام.
قد يهمك ايضاً :