السعادة و الشقاوة عند الماتريديه
جدول المحتوى
السعادة و الشقاوة لغة :
السعادة و الشقاوة :
السعادة لغة : التوفيق والإعانة.
والشقاوة لغة : الشدة والعسر والمحنة والضلال
السعادة والشقاوة شرعا :
اتفق الأشاعرة والماتريدية على أن السعيد من تم له بالإيمان، حتى ولو كان قبل ذلك كافرا، وأن الشقي من ځم له بالكفر، حتى ولو كان قبل ذلك مؤمنا.
لكن اختلفوا بم يحكم عليه في أثناء حياته قبل أن تعرف ابنته التي سينتهي .
فذهب الأشاعرة إلى أن السعادة : هي الموت على الإيمان باعتبار تعلق علم الله – تعالى – القديم بذلك
والشقاوة : هي الموت على الكفر باعتبار تعلق علم الله – تعالى – القديم بذلك، وعليه فالسعيد عندهم هو من علم الله – تعالى – أو موته على الإيمان، والشقي من علم الله – تعالى – أزلا موته على الكفر.
والإسلام علامة على السعادة، وليس السعادة نفسها، وكذلك الكفر علامة على الشقاء، وليس الشقاء ذاته .
فالأشاعرة ينظرون في السعادة والشقاوة إلى ما هو مقدر في علم الله الأزلي، فمن كتب له السعادة أزلا فإنه لن يختم له إلا بها، حتى ولو كان قبل ذلك كافرا، ومن كتب عليه الشقاء فإنه سيختم له به حتى ولو كان قبل ذلك مؤمنا.
فالسعيد لا ينقلب شقيا ، والشقي لا ينقلب سعيدا، فمن تم له بالسعادة فهذا معناه أنه كان ب له في الأزل أنه سعيد، ومن تم له بالشفاء فهذا معناه : أنه مكتوب له قبل ذلك في الأزل أنه شقي، فالخاتمة تدل على السابقة.
ولذا قال الناظم:
سعد عنده في الأزل و كذا الشقي
و استدل الأشاعرة على مذهبهم بالحديث الذي رواه البخاري ومسلم أن رسول الله له قال: (إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلإ ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها , وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) .
وبالحديث الذي رواه الطبراني والبيهقي : « السعيد من سعد في بطن أمه ، والشقي من شقي في بطن أمه» .
كما قالوا : لو انقلب الإنسان من السعادة إلى الشقاوة، أو العكس للزم انقلاب علم الله – تعالى – القديم جهلا، وهو محال في حقه – تعالى لأنه نقص .
شبهه وجوابها :
قد يقول قائل : إن هذا هروب من العمل، وتحلل من المسئولية، بحجة أن – الأمر مفروغ منه، فلا فائدة في اجتهاد المجتهد نحو السعادة إذا كان في علم الله – تعالى – مكتوبا من الأشقياء، ولا داعي لعمله واجتهاده إذا كان في علمه – تعالى – من السعداء.
والجواب:
- أن الله – تعالى – علم في الأزل كل ما سيحدث في الوجود، بما في ذلك ما سيؤول إليه أمر كل إنسان ما، ولا يعقل الكمال الإلهي إلا على هذا الوجه، ومتی كان العلم السابق با سيحدث مسئولا عما يحدث ؟
- فلو أخبر أحد المعلمين و أمر طالب في أثناء عامه الدراسي بالنتيجة المتدنية المتوقعة لابنه في نهاية العام من واقع معرفته بالطالب، وحصل ما أخبر به، فهل من حق و الأمر أن يعا علم الأستاير وخبره بهذه النتيجة مسئولا عن نتيجة الطالب ؟!
- ولو فحص مهند أحد المباني، وكتب تقريرا يفيد أن المبنى آيل للسقوط، وعلى سكانه أن يتركوه فورا، وحدث ما توقعه المهندس فهل لصاحب المبنى أن يتحمل المهندس مسئولية ما أخبر وتوقع؟، كلا، ولله المثل الأعلى.
- إن علم الله – تعالى – الأزلي بما سيقع كاشف لما سيحدث، وليس مؤثرا فيه، وممث لكمال الله – تعالى – الذي لا يتصور أن يكون إلا على هذا الوضع، ويبقى الإنسان الذي عمل كل شيء بمحض اختياره هو المسئول عما كسبت يداه، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
السعادة و الشقاوة عند الماتريدية:
ذهبت الماتريدية إلى أن السعادة هي الإيمان في الحال، والشقاوة هي الكفر في الحال، فالسعيد هو المؤمن في الحال، وإذا مات على الكفر فقد انقلب شقيا بعد أن كان سعيدا، والشقي هو الكافر في الحال، وإذا مات على الإيمان فقد انقلب سعيدا بعدما كان شقا.
ولا يخفى أن الماتريدية ينظرون إلى حالة الإنسان التي هو عليها في الدنيا ، وذلك بخلاف نظرة الأشاعرة، فإنها – کیا سبق – إلى المال والخاتمة.
المترتب على الخلافة
يترتب على هذا الخلاف أنه يصح أن يقال على مذهب الأشاعرة: أنا مؤمن إن شاء الله، بناء على أن الحكم بالإيمان مرتبط بالخاتمة، وهي مجهولة، ولا يصح ذلك على رأي الماتريدية، بناء على أن المؤمن في حالته الراهنة مؤمن، فليس بحاجة إلى أن يقول : إن شاء الله، فلو قال ذلك فهو شاب يقول : أنا شاب إن شاء الله، وكطويل يقول : أنا طويل إن شاء الله، كما يصح أن يقال على مذهب الأشاعرة: أنا سعيد إن شاء الله، ولا يصح ذلك على مذهب الماتريدية .
قد يهمك ايضاً :