تاريخ مكة المكرمة ومكانتها
جدول المحتوى
تاريخ مكة المكرمة ومكانتها ، لعل أول ما شد انتباه التاريخ إلى مكة هو علاقتها بقصة إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام
فإن إبراهيم عليه السلام أمره الله تعالى أن يذهب بابنه إسماعيل إلى الحجاز يسكنه هناك.
وامتثل إبراهيم لهذا الأمر الإلهي وذهب بابنه إلى هذا الوادي الذي لا زرع فيه، وأسكنه بالقرب من المكان الذي حفر فيه بئر زمزم.
مكة وعلاقتها بابراهيم واسماعيل
وتقول القصة إن إبراهيم ذهب بابنه إسماعيل ومعه أمه هاجر إلى هذا المكان، وترك لها جرابا فيه بعض الطعام، وسقاء فيه بعض الماء وتركهما وعاد .
وبينما هو يهم بالعودة إلى فلسطين قالت له هاجر : إلى أين أنت ذاهب أيها الشيخ وتاركنا في هذا الوادي ؟ فلم يرد عليها.
فسألته الله أمرك بهذا ؟ قال : نعم . قالت : إذن لن يضيعنا .
ولما نفد الماء الذي كان معها وعطش ابنها أخذت تبحث عن الماء في هذا المكان الذي لا ماء فيه.
وانزعجت لعدم وجود الماء واستبد بها القلق على طفلها الذي اشتد عليه العطش وأخذت تهرول بين صخرتي الصفا والمروة سبع مرات وأصبح سعيها من شعائر الحج، حيث يجب على كل مسلم عندما يحب أن يسعى بين الصفا والمروة سبع مرات .
وتقول القصة أن هاجر عندما أكملت الشوط السابع ظهر لها ملك في صورة طائر نقر الأرض بأحد جناحيه فانبثق الماء، هذه رواية .
وتذهب رواية أخرى إلى أن إسماعيل عليه السلام كان من شدة العطش يبكي ويضرب الأرض برجليه فانبثق الماء من تحت قدميه.
وكيفما كان الأمر فقد تفجر الماء من المكان الذي سمى بئر زمزم على الطريقة التي ترويها الكتب ، و كان مجرد وجود الماء في مثل هذا المكان الصحراوي القفر يعتبر بشير خير وبركة، فالماء إذا كان ضرورة من ضرورات الحياة فهو في مثل هذا المكان يعتبر في غاية الأهمية.
وعلى هذا أصبح بئر زمزم أساس العمران في هذا المكان الذي قدر له أن يصبح أقدس مكان في العالم لدى المسلمين جميعا حيث بنيت الكعبة المشرفة وقامت مكة المكرمة .
بئر زمزم وتحول صحراء مكة المكرمة
ترامت أخبار انبثاق المياه من بئر زمزم ببركة إسماعيل بن إبراهيم إلى القبائل التي كانت تقطن الأماكن المجاورة فاستبشرت و جاءت إلى هاجر تطلب منها السماح لها بالانتفاع بهذا الماء ، ورحبت هاجر بهم لأن وجودهم معها هي وابنها يوفر لها الحماية والمؤانسة .
وكانت هذه القبائل هي قبائل جرهم الذين عاش بينهم إسماعيل وأمه حتى كبر وتزوج منهم وأنجب أولاده أجداد العرب المستعربة.
بناء الكعبة المشرفة
وبدأ العمران يتسع حول زمزم وبدأت مكة المكرمة تأخذ وضعها بوصفها مقدسة بعد أن أمر إبراهيم في إحدى زياراته لابنه ببناء الكعبة المشرفة بمساعدة ابنه إسماعيل وذلك طبقا لما يرويه القرآن الكريم في قوله تعالى : وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) سورة البقرة
وبهذا أقام إبراهيم وابنه إسماعيل الكعبة المشرفة بالقرب من بئر زمزم وهي عبارة عن بناء مربع الشكل تقريبا يبلغ ارتفاعه حوالي خمسة عشر مترا وطول جدارية الشمالي والجنوبي نحوا من عشرة أمتار، وطول جداريه الشرقي والغربي اثنی عشر متر تقريبا، ويقع باب الكعبة في الجدار الشرقي، ويقع الحجر الأسود في الطرف الجنوبي من الجدار الشرقي.
خلاف حول بناء الكعبة
وهنا يوجد خلاف كبير بين المؤرخين حول بناء الكعبة، وهل هذه هي أول مرة تقام فيها الكعبة في هذا الوادي على أيدي إبراهيم وإسماعيل ؟ أو أن الكعبة كانت قائمة قبل ذلك وهدمت أو غمرها الطوفان في عهد نوح عليه السلام، و كان عمل إبراهيم وابنه هو عبارة عن تجديد للبناء القديم الذي كان قائما ؟
ويذهب فريق من المؤرخين إلى ذلك ويرى أن أول من بنى الكعبة هو آدم عليه السلام بل يذهب فريق آخر إلى أبعد من هذا فيرون أن أول من بنى الكعبة هم الملائكة ، وأن بناءها على الأرض جاء شامخا لبيت العزة في السماء الذي تطوف به الملائكة فجاءت الكعبة تجاه هذا البيت ليطوف بها الآدميون على الأرض، ويستدل هذا الفريق على وجهة نظره بقوله تعالى : ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ ) سورة آل عمران».
ومهما يكن من أمر هذا الخلاف فإن الكعبة أصبحت مقدسة في شبه الجزيرة العربية كلها.
حج الكعبة
يحج إليها العرب من كل مكان منذ بناء إبراهيم لها وظلت لها هذه القداسة حتى ظهور الإسلام الذي أضفى عليها قداسة فوق قداستها القديمة وجعلها أشرف بقعة على ظهر الأرض حيث جعل الحج إلى بيته المحرم والطواف بالكعبة ركن من أركان الإسلام.
حرمة الكعبة
ومنذ بناء الكعبة على أيدي إبراهيم وابنه إسماعيل لم تصبح مكة ملكا للجرهميين وحدهم، وإنما أصبحت مكانا مقدسا للعرب جميعا لا يستطيع أحد أن يمنع أحدا من زيارتها والطواف بها .
بل إن العرب الذين كانوا في حروب لا تكاد تنقطع فيما بينهم ، احتراما منهم للكعبة وقداستها قد حرموا القتال في أشهر الحج وهى ذو القعدة وذو الحجة والمحرم.
كما حرم القتال في شهر رجب لأنهم كانوا يكثرون من العمرة في ذلك الشهر.
ولم يكتف العرب بتحريم القتال في شهور الحج والعمرة.
وإنما حددوا مكانا حول الكعبة سموه حرم الكعبة حرموا فيه القتال كذلك وقد احترم الإسلام هذا التقليد العربي .
و كان من الطبيعي بعد أن تمت مدينة مكة وتطورت نتيجة لوجود بئر زمزم وبعد أن أكسبها وجود الكعبة قداسة واحتراما، وبعد أن أصبحت مزارا لكل العرب من كل مكان، كان من الطبيعي أن يهتم سكانها بأمرها وبتوفير الحماية والرعاية والأمن للحجاج الذين يأتون إليها من كل فج عميق.
و تاريخ مكة المكرمة ومكانتها لا تنحصر في مقال ولا صحف بل ان الله حرم ارضها و اصطفاها نزولا للقران هي والمدينة فهنيئاً لاهلها وشعبها.
قد يهمك ايضاً :