حقيقة الاعتراف بوجود الله تعالی
الاعتراف بوجود الله تعالی
الاعتراف بوجود الله فطرة الإنسان هي طريقه الأول نحو الإيمان بالله تعالى ومعرفته. ونعني بالفطرة – هنا – ما يشعر به كل إنسان من ميل إلى اعتقاد الحق وإرادة الخير والإقرار بوجود إله خالق للكون مدبر له.
هذا الشعور أو الوعي القوي بوجود (الإله) هو قدر مشترك بين الناس جميعا لا يخلو منه أحد من البشر منذ بدء الخليقة وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وصحيح أن التعبير عن هذا الشعور – أو الفطرة – كان يستقیم مرة ويعوج أخرى، غير أنه لم يخرج في كل صورة عن دلالة الاعتقاد في (الإله) والاعتراف به والخضوع له .
تاريخ الأمم والشعوب في القديم والحديث
يشهد بشيوع فطرة الاعتقاد في الله والإيمان به بين الأمم الهمجية والبائدة مثلما يشهد – بنفس القدر – بشيوعها في الأمم المتحضرة والحديثة سواء بسواء.
وقد وجد أن الأم – على تباين لغاتها – كانت تعبر عن شعورها وتأملها نحو «الله» بحيث يصح الحكم بأن « الإيمان بالإله» لم تخل منه أمة من الأمم قديما أو حديثا.
فالإيمان بالله شعور مشترك بين بني البشر جميعا، يشعر به الصغير والكبير والعالم والجاهل والعبقري والحامل والمتحضر والمتخلف
ويستوي في الإحساس به الفليسوف الذائع الصيت والإنسان البدائي البسيط، ولا توجد أمة ولا شعب ولا مجتمع إلا عبر عن هذه الفطرة بصورة ما من الصور
ويذهب ابن تيمية إلى القول
بأن الله تعالى لم يطبع معرفته في فطرة الإنسان وحده .. بل فطر الجمادات والحيوانات على تسبيحه وتحميده وتنزيهه
فهي مفطورة على معرفة خالقها كما فطر بني آدم على الإقرار بربوبيته، ويستشهد ابن تيمية في هذا المقام بقوله تعالى : تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا
» الإسراء،
وقوله سبحانه : ( ولقد آتينا داوود …..الى اخر الايات 4 سبا والتأويب هو : ترجيع التسبيح، وهذا إنما يدل دلالة واضحة على أن الجمادات والحيوانات والطيور تعرف ربها معرفة تناسب ما وهبه الله لها من إمكانات لا ندركها
هذا الشعور المشترك بين الناس يصدقه القرآن الكريم في قوله تعالى: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين والأعراف
فظاهر هذه الآية يدل على أن الله تعالى أخذ الميثاق على أرواح بني آدم، بأنه هو ربهم وخالقهم. وأن هذه الأرواح أقرت بمعرفته وشهدت بربوبيته في عالم الذر قبل وجودها في هذا العالم باماد وأزمان لا يعلم مداها إلا الله تعالى
وهذا هو السر في أن كل نفس تجيء إلى هذا العالم تحمل معها أثر هذا الميثاق الإلهي المتمثل في شعورها، الدافق بوجود الله تعالى وربوبيته.
والقرآن الكريم يشير في وضوح – لا لبس فيه – إلى هذه الفطرة، ويقرر حقيقتها ويعتبرها «حجر الزاوية في بناء العقيدة الإلهية، وذلك في قوله تعالى : فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها 46 والروم،
قد يهمك ايضاً:
- الرد على مقولة الصدفة في خلق الكون بالادلة القطعية من القران
- ما هي الفطرة وما هو الدليل عليها من القران