زحف المؤمنين الى مكة ( فتح مكه الجزء الثالث )
ثم واصل زحف المؤمنين مسيرته المباركة ، حتى وصل إلى مر الظهران – قرب مكة – فيصبت خيام العسكر وأوقدت النيران، وتحول الوادي المظلم القفر إلى حياة تموج بحركة عشرة آلاف من الجند يترقبون أن يأذن لهم النبي باقتحام مكة، التي لا يدرى أهلها من الأمر شيئا حتى الآن !
موقف العباس
كان العباس بن عبد المطلب في قلق شديد على مكة أن يفتحها النبي وأصحابه عنوة.
فخرج لعله يجد وسيلة لإقناع قریش مسالمة النبي والدخول في أمانه بدلا من الحرب التي لا مفر منها حينئذ، وإنه اليسير إلى جانب عرفة بالأراك
إذ صادفت ثلاثة من زعماء مكة خرجوا يتحسسون الأمر ، فسمع العباس أبا سفيان يقول ما رأيت كالليلة نيرانا قط ولا عسکرا !،
فأجابه بدیل بن ورقاء الخزاعي : هذه والله خزاعة حمشتها الحرب ، قال أبو سفيان : خزاعة أقل وأذل من أن تكون هذه من
رادل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها !! أما ثالثهم فكان حكيم بن حزام ولم تمهلهم طلائع خيل المسلمين أن قبضت عليهم وسلموهم إلى رسول الله وان في المسلمين أنهم في جواره
اسلام ابا سفيان
فلما تحدث إليهم النبي هداهم الله فأسلموا، وإن تأخر إسلام أبي سفيان حتی الصباح، ثم سأله العباس وسألوه الأمان لقريش
فقال – وهو يذكر لأبي سفيان منزلته من شر من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمنا وصی ایم برسله الله إلا رحمة للعالمين .
فلما ذهب أبو سفيان لينصرف قال رسول الله : يا عباس، احبسه بمضيق الوادي، حتى تمر به جنود الله فيراها – فإذا رآها زعیم قریش لم يبق في نفسه أمل في المقاومة
قال العباس : فخرجت به حتى حبسته حيث أمرني رسول الله، ومرت القبائل على راياتها، كلما مرت قبيلة قال : يا عباس : من هؤلاء؟ فأقول: سليم، فيقول : مالی ولسليم ، ثم تمر القبيلة
فيقول : يا عباس من هؤلاء؟ فأقول : مزينة ، فيقول : مالی ولمزينة، حتی نفدت القبائل، ما تمر به قبيلة إلا ويسألني عنها، فإذا أخبرته بهم، قال : مالی ولبني فلان، حتی مر رسول الله في كتيبته الخضراء.
وفيها المهاجرون والأنصار، لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد. فقال : سبحان الله ، يا عباس من هؤلاء ؟ قلت : هذا رسول الله في المهاجرين والأنصار، قال : ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة، والله يا أبا الفضل، لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيمة !
فقال العباس : يا أبا سفيان، إنها النبوة قال : فنعم إذن.
قد يهمك ايضاً :