مقتطفات من كتاب كليلة ودمنة لابن المقفع
جدول المحتوى
مقتطفات من كتاب كليلة ودمنة
كليلة و دمنة ، عبدالله بن المقفع هو كاتب فارسى الاصل و لكنه تعلم اللغة العربية، و كان فى بداية حياته مجوسيا ثم اعتنق الاسلام و قد نقل العديد من المؤلفات من الفارسية و الهندية و اليونانية إلى العربية و لها العديد من المؤلفات مثل: الدرة الثمينة و الجوهرة المكنونة، و كليلة و دمنة، الادب الكبير و الادب الصغير.
عبدالله بن المقفع
عرف بن المقفع بذكائه و اخلاقه الحميدة و كرمه، و قد عرف انه من اكثر كتاب عصره ثقافة حيث انه ملم بالجوانب الثلاثة العربية و الفارسية و و اليونانية و كان فصيح اللسان.
و قتل عبدالله من المقفع على يد رجال سفيان بن معاوية بعد اشتداد الخلاف بينهما فعملوا على تقطيع اعضاءه و رميه فى الفرن حتى مات من شدة التعذيب.
اقرأ أيضا:-
كليلة و دمنة
يجمع العلماء على ان كتاب كليلة و دمنة اصله هندى و تم ترجمته إلى العربية على يد عبدالله من المقفع، و تدور الرواية على لسان الحيوانات و الطيور بدلا من البشر الحقيقين لمناقشة بعض الامور اهمها العلاقة بين الحاكم و المحكوم و بعض الحكم و المواعظ.
و نعرض لكم بعض المقتطفات من كتاب كليلة و دمنة
مثل الغراب والأسود
قالَ دِمنَةُ: زَعَموا أنَّ غُرابًا كانَ له وَكرٌ في شَجَرَةٍ علي جَبَلٍ، وكانَ قريبًا منه جُحرُ ثُعبانٍ أسوَدَ.
فكانَ الغُرابُ إذا أفرَخَ عَمَدَ الأسوَدُ إلي فِراخِهِ فأكَلَها فَبَلَغَ ذلك مِنَ الغرابِ فأحزَنَهُ.فشَكا ذلك إلي صَديقٍ لهُ من بَناتِ آوي وقالَ له: أُريدُ مُشاوَرَتَكَ في أمرٍ قد عَزَمتُ عليه.
قالَ: وما هو? قَالَ الغُرابُ: قد عَزَمتُ أن أذهَبَ إلي الأسوَدِ إذا نامَ فأنقُرَ عَينَيهِ
فأفقَأَهُما لعلِّي أستَريحُ منه. قالَ ابنُ آوي: بِئسَ الحِيلَةُ التي احتَلتَ!فالتَمِسْ أمرًا تُصيبُ فيه بُغيَتَكَ مِنَ الأسَودِ من غيرِ أن تُغَرِّرَ بنفسِكَ وتُخاطِرَ بها.
وإيَّاكَ أن يكونَ مَثَلُكَ مَثَلَ العُلجُومِ الذي أرادَ قَتلَ السَّرَطانِ فَقَتَلَ نفسَهُ.
قالَ الغُرابُ:
وكيفَ كانَ ذلكَ؟
لا تنصح الناس وتنس نفسك
قال الفيلسوف:
زعموا أن حمامة كانت تفرخ في رأس نخلة طويلة ذاهبة في السماء، فكانت الحمامة تشرع في
نقل العش إلى رأس تلك النخلة، فلا يمكن أن تنقل ما تنقل من العش وتجعله تحت البيض إلا بعد
شدة وتعب ومشقة: لطول النخلة وسحقها، فإذا فرغت من النقل باضت ثم حضنت بيضها، فإذا
فقست وأدرك فراخها جاءها ثعلب قد تعاهد ذلك منها لوقت قد علمه بقدر ما ينهض فراخها،
فيقف بأصل النخلة فيصيح بها ويتوعدها أن يرقي إليها فتلقي إليه فراخها.
فبينما هي ذات يوم قد أدرك لها فرخان إذ أقبل مالك الحزين فوقع على النخلة. فلما رأى الحمامة
كئيبة حزينة شديدة الهم قال لها مالك الحزين: يا حمامة، ما لي أراكي كاسفة اللون سيئة الحال؟
فقالت له:
يا مالك الحزين، إن ثعلباً دهيت به كلما كان لي فرخان جاء يهددني ويصيح في أصل النخلة،
فأفرق منه فأطرح إليه فرخي. قال لها مالك الحزين: إذا أتاكِ ليفعل ما تقولين فقولي له:
لا ألقي إليك فرخي، فارقَ إلي وغرر بنفسك. فإذا فعلت ذلك وأكلت فرخي، طرت عنك
ونجوت بنفسي.
فلما علمها مالك الحزين هذه الحيلة طار فوقع على شاطئ نهر.
فأقبل الثعلب في الوقت الذي عرف، فوقف تحتها، ثم صاح كما كان يفعل. فأجابته الحمامة
بما علمها مالك الحزين.
قال لها الثعلب: أخبريني من علمك هذا?
قالت: علمني مالك الحزين.
فتوجّه الثعلب إلى مالكاً الحزين على شاطئ النهر، فوجده واقفاً. فقال له الثعلب:
يا مالك الحزين: إذا أتتك الريح عن يمينك فأين تجعل رأسك?
قال: عن شمالي.
قال: فإذا أتتك عن شمالك فأين تجعل رأسك.
قال: أجعله عن يميني أو خلفي.
قال: فإذا أتتك الريح من كل مكان وكل ناحية فأين تجعله?
قال: أجعله تحت جناحي.
قال: وكيف تستطيع أن تجعله تحت جناحك? ما أراه يتهيأ لك.
قال: بلى:
قال: فأرني كيف تصنع? فلعمري يا معشر الطير لقد فضلكم الله علينا. إنكن تدرين في ساعة
واحدة مثلما ندري في سنة، وتبلغن ما لا نبلغ، وتدخلن رؤسكن تحت اجنحتكن من البرد
والريح.فهنيئاً لكن فأرني كيف تصنع.
فأدخل الطائر رأسه تحت جناحه فوثب عليه الثعلب مكانه فأخذه فهمزه همزة دقت عنقه.
ثم قال:
يا عدوي نفسه، ترى الرأي للحمامة، وتعلمها الحيلة لنفسها، وتعجز عن ذلك لنفسك،
حتى يستمكن منك عدوك، ثم أجهز عليه وأكله
مقتطفات من كتاب كليلة ودمنة
خصائص كتاب كليلة ودمنة
يُعد كتاب كليلة ودمنة واحداً من أشهر الكتب التي ذاع صيتها في العصور القديمة، حيث أن كتاب كليلة ودمنة يحتوي على عدد كبير من القصص، هذه القصص قد جاءت في شكل متسلسل وجذاب، وتحتوي هذه القصص على عدد من الحكم والمواعظ، إلى جانب أنه يتحدث عن عدد من الخرافات المتعلقة بالحيوانات، وكذلك فإن الكتاب يتناول موضوعات سياسية حيث يتحدث عن علاقة الحاكم بالمحكومين، إلى جانب أنه يتحدث عن كيفية قيام المجرم بالهروب من العدالة القضائية، ويتحدث عن أن المجرم دائما يلقى عقابه في النهاية حتى ولو هرب من القضاء.
وقد ذاع صيت هذا الكتاب حتى بلغ خبره إلى كسرى ملك الفُرس في ذلك الوقت، فأمر بأن يطلع علي هذا الكتاب ويرى ما فيه من أمور قد تفيده في علاقته برعيته.
ويتميز كتاب كليلة ودمنة بعدد من السمات التي جعلت منه كتاباً جيداً جداً، هذه السمات منها التتابع والتسلسل القصصي الرائع، والذي لا يترك مجال للملل من ناحية القارئ، حيث أن كل فكرة تسلم القارئ إلى الفكرة والقصة التي تليها، إلى جانب أن الألفاظ قد جاءت موحية وسهلة وبسيطة يمكن للقارئ العادي غير المخضرم أن يفهمها وأن يستمتع بها.
كذلك فإنه اعتمد على الأسلوب الحواري، والأسلوب الحواري هو واحد من أكثر الأساليب التي تجعل القصة بها تشويق، إذا ما قُرٍّنْ بالأسلوب السردي، حيث أن الحوار يجعل القارئ متحفزاً بشكل دائم.
إضافة إلى أننا نرى أن الكتاب قد جاء متأثرًا بالطابع الديني؛ حيث أنه قد تحدث كثيراً عن مصطلحات وعن مفاهيم دينية مثل الحياة والآخرة والحساب والثواب والعقاب إلى جانب عدد من المفاهيم.
إلى جانب أنه يمكننا أن نرى أن الكاتب في هذا الكتاب قد تناول بالشرح والتفصيل طريقة الأمراء والملوك في المعيشة واصفاً القصور التي يعيشون فيها، وهذه المادة في الكتابة تستطيع أن تجذب عدد كبير من الناس للقراءة فيها، فالناس غالباً ما يشعرون بالفضول تجاه هذه الأمور.
وقد جاءت القصص على لسان الحيوانات والطيور، وهو أمر يجذب الانتباه بشكل كبير جداً، يذكر أن كتاب كليلة ودمنة هو كتاب هندي في الأصل وقد قام عبد الله بن المقفع بترجمة هذا الكتاب إلى اللغة العربية، إلى جانب أن الكتاب قد تم ترجمته إلى عدد كبير من اللغات الأخرى، ويقال بأنه قد تم ترجمته إلى اللغة الإنجليزية حوالي ثلاث مرات.