الرد على البقاء لله
جدول المحتوى
الرد على البقاء لله
الدنيا ليست على حال واحد، فتارة يكون الإنسان في فرح وسعادة، وتارة يعتريه الحزن والهم، وقد يكون الحزن بسبب فقد عزيز على الإنسان، وهنا يقوم الناس بمشاركة بعضهم البعض.
فيقوم الناس بتقديم واجب العزاء لبعضهم البعض، ومن المنتشر بين الناس عند تقديم واجب العزاء قول: البقاء لله، ولكن قد لا يعرف الكثير الرد على البقاء لله.
ما اجابه البقاء لله
عندما يقوم الأقرباء والأصدقاء بتقديم العزاء لشخص فإنهم يقولون له البقاء لله، كأنهم يُصبرونه بأن الكل ذاهب، أو ميت، وإنما البقاء لله وحده، فهو الأول وهو الآخر، ويُمكن أن يرد الشخص عليهم ببعض العبارات مثل:
- لله ما أعطى ولله ما أخذ، الحمد لله.
- أو قد يقول: الدوام لله وحده، أو البقاء لله وحده.
- أو أن يحمد الله، ويقول: الحمد لله على كل ما أعطانا.
- أو أن يسترجع بأن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، الحمد لله.
- أو قد يكون الرد: جزاك الله خيرا، أو ربنا يرحمنا جميعًا، أو غفر الله لنا وله، أو ربنا يرحمه.
الرد على واجب العزاء
هناك العديد من الصيغ التي يقولها الناس في الرد على من قدم واجب العزاء، ومن هذه الصيغ الآتي:
إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرًا منها، أشكر كل من قدم العزاء.
أعجز عن أن أعطيكم ما تستحقون من الثناء والشكر لما بذلتموه من جهد وسعي في تقديم العزاء لنا ومشاطرتنا أحزاننا، نشكركم وعظم الله أجركم.
وصلنا صدق مشاعركم، وحبكم الكبير لنا، فبرغم من أن مصابنا كبير في فقد الغالي على قلوبنا، ولكن بفضل الله ثم مواساتكم لنا ووقوفكم معنا خفف عنا الكثير تقبل الله سعيكم، ورحم الله فقيدنا وغفر له.
بقلوب راضية بقضاء الله وقدره سبحانه وتعالى نسأل الله تعالى أن يرحم ميتنا ويغفر له، ويدخله فسيح جناته، ونسألكم العذر في تقصيرنا تجاه واجبكم نحونا، جعل هذا الأمر في ميزان حسناتكم، نشكر لكم مجيئكم، وجزاكم الله خيرا.
بعد أن تعرفنا على بعض العبارات التي تُستخدم في الرد على البقاء لله، والتي يُقدمها المعزين باعتبارها جملة بسيطة وذات معنى فهم يختصرون تقديم واجب العزاء في البقاء لله، فهي تحمل المعاني الكثيرة، ويُمكن لمن قُدم له العزاء أن يرد ببعض العبارات السابقة.
تقديم واجب العزاء في السنة المشرفة
الناس عند تقديم العزاء لشخص ما فإنهم يقولون البقاء لله، وهذه من الألفاظ التي تؤدي الغرض في تقديم العزاء لذوي الميت، والرغبة في تذكيرهم بالصبر على فقيدهم، ويقوم الناس بالتبعية الرد على البقاء لله بالعبارات التي تُناسبها.
ولكن أفضل الصيغ التي يُقدم بها واجب العزاء هي ما ورد عن الرسول صلَّ الله عليه وسلم وهي:
جاء عن النبي صلَّ الله عليه وسلم عندما قام بتعزية إحدى بناته عند موت ابنها حيث قال: «إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب».
رأي الشرع في الرد على البقاء لله
لا شك أن اتباع النبي الكريم في تقديم واجب العزاء من الأمور المحببة، والمفروض أن نقوم به جميعًا، ولكن لا ضرر في استعمال بعض الألفاظ الأخرى في تقديم واجب العزاء مثل:
- أعظم الله أجركم.
- أو أحسن الله عزائكم وغفر لميتكم.
ولا ضرر في رد من يتقبل العزاء بقول: جزاك الله خيرًا، أو تقبل الله دعائك ورحمنا وإياك، وغيرها من الصيغ التي تُناسب الموقف.
فليس هناك صيغة معينة تنحصر فيها عبارات التعزية، وإنما كل ما يُقدم التسلية والتعزية فليس فيه ضرر، ولا شك أن لفظ البقاء لله عند تقديم العزاء لا ضرر فيه ويكون الرد عليه بما يناسبه.
وقال النووي: ومن أحسنه ما ثبت في الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: أرسلت إحدى بنات النبي صلَّ الله عليه وسلم إليه تدعوه وتُخبره أن صبياً لها أو أبنًا في الموت، فقال للرسول ارجع إليها فأخبرها أن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر ولتحتسب.
وورد في الفقه الحنبلي: لم يذكر الأصحاب هل يرد المعزي شيئًا أم لا؟ ورد الإمام أحمد على من عزاه فقال: استجاب الله دعاءك ورحمنا وإياك. انتهى.
ما يجوز وما لا يجوز في التعزية والمجالس التي يقام فيها العزاء
بالنسبة للبس الأسود للنساء لا أصل له في العزاء، ولكن أجازه بعض العلماء للمحدة.
وبخصوص استقبال أهل الميت للمعزين في المنزل فأفتى بعض العلماء أنه يجوز إكرام المعزين باعتبارهم ضيوف ويُقدم لهم القهوة والشاي أو حتى الطيب.
وبالنسبة لصنع أهل الميت الطعام للناس فهذا الأمر فيه كراهة، لأن ذلك فيه زيادة على مصيبتهم، وفيه تشبه لأهل الجاهلية، ولكن إن جاءهم أحد من أماكن بعيدة وسوف يبيت عندهم فلا حرج في أن يُضيفوه، وفي هذه الحالة يُقدموا له الطعام.
لا يجوز أن تكون الضيافة مما ترك الميت في حال كان من ضمن الورثة صغار، ولا حتى الشيء اليسير كالعصير أو الشاي أو البسكويت، وهذا ما اتفق عليه الفقهاء.
يقول ابن حجر الهيثمي الشافعي في الفتاوى الفقهية الكبرى عن الإنفاق أثناء العزاء: ويحرم على وارث أو وصي جعله من التركة إذا كان في الورثة غير مكلف أو محجوز عليه بسفه.
وقت التعزية هو الثلاثة أيام الأولى، واستدل الفقهاء على هذا القول بقول النبي صلَّ الله عليه وسلم: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا».
ويقول البعض أنه مكروه التعزية بعد الثلاث أيام الأول وذلك لأن من أصابته هذه المصيبة سكن قلبه قليلاً، وفي غالب الأمر يكون سكون القلب بعد الثلاث أيام الأولى، فلا يُفضل أن نجدد له الأحزان والتعزية، إلا إذا كان المُعزي أو المعُزى غائب وجاء بعد الثلاثة أيام.
غير جائز إقامة السرادق فهو من أعمال الجاهلية، كما أن فيه تكلفة على أهل الميت.
يجوز التعزية في أي مكان سواء الطريق أو المسجد أو المقبرة قبل أو بعد الدفن.
الدعاء للميت
بعد أن يقوم المُعزي بتقديم واجب العزاء وقد يختصر الكثير هذا الواجب في قول البقاء لله، وعندما يقوم المعزى بـ الرد على البقاء لله، من الأفضل أن يقوم كل من المعزي والمعزى بالدعاء للميت، ومن صيغ الدعاء للميت ما يلي:
- اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، اللهم وسع نزله، وأفسح له في قبره مد بصره.
- اللهم أنزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.
- اللهم أبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلاً خيرًا من أهله، وأدخله الجنة بلا حساب ولا سابقة عذاب.
- اللهم اغفر له وارحمه وتقبل منه، وتجاوز عن سيئاته.
آداب تقديم واجب العزاء
هناك بعض الآداب التي يتبعها المعزي عند تقديم واجب العزاء مثل:
- أن يُعزي أهل الميت بالكلام الذي يُصبرهم ويُسلي عنهم، ويُريح صدورهم، بأي صيغة لا تُخالف الشرع، ومنها قول البقاء لله، وبالتالي يقوم المعزى بـ الرد على البقاء لله بما يناسبها، والدعاء للميت وذكر حسناته.
- يُفضل العلماء أن تكون التعزية بعد الدفن لانشغال أهل الميت بالتجهيز للدفن، كما أنهم سيشعرون بالفرقة أكثر بعد الدفن.
- من الأفضل أن تكون التعزية مرة واحدة، ولا تُكرر، وتكون في الثلاثة أيام الأول.
- من المستحب صُنع الطعام لأهل الميت كما جاء عن النبي صلَّ الله عليه وسلم: «اصنعوا لآل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم».
- من الأفضل عدم اصطحاب الأطفال في العزاء.